الأخبار

لماذا تراهن شركات التكنولوجيا على وكلاء الذكاء الاصطناعي؟

في تحول تقني غير مسبوق، تتجه صناعة التكنولوجيا نحو تطوير وكلاء الذكاء الاصطناعي (AI Agents) القادرين على تنفيذ المهام بشكل مستقل، متجاوزين بذلك المساعدات الافتراضية التقليدية.

تثير هذه التقنية المتقدمة تساؤلات حول مستقبل سوق العمل وتأثيرها على الوظائف التقليدية، بالإضافة إلى دورها في تعزيز الكفاءة والإنتاجية.

ما هو وكيل الذكاء الاصطناعي؟
بينما يستطيع روبوت الدردشة التقليدي تقديم توصيات حول وصفات الطعام أو خطط السفر، يذهب وكلاء الذكاء الاصطناعي إلى أبعد من ذلك، حيث يمكنهم تنفيذ المهام نيابة عن المستخدمين مع حد أدنى من التدخل البشري.

يُعرَّف وكيل الذكاء الاصطناعي بأنه نظام ذكي قادر على تنفيذ مهام محددة أو حل المشكلات بشكل مستقل، مستفيدًا من التعلم المستمر وتحليل البيانات لاتخاذ قرارات أكثر دقة بمرور الوقت.

تتنوع استخدامات وكلاء الذكاء الاصطناعي بين خدمة العملاء، وتحليل البيانات، وأتمتة العمليات، وإدارة سلاسل التوريد. ويُعد المساعدون الافتراضيون، مثل "Siri" و"Alexa"، أمثلة على وكلاء ذكاء اصطناعي تؤدي مهام تركز على المستخدم. ومع ذلك، فإن هذه الأدوات محدودة في فهم نية المستخدم، ونادرًا ما تتجاوز المهام البسيطة مثل تشغيل أو إطفاء الأنوار.

يعد منظم الحرارة الذكي مثالًا على وكيل ذكاء اصطناعي بسيط، حيث تقتصر قدرته على إدراك بيئته من خلال مقياس حرارة يخبره بدرجة الحرارة. وعندما تنخفض درجة الحرارة في الغرفة إلى مستوى معين، يستجيب منظم الحرارة الذكي برفعها.

الإمكانات المستقبلية
تشير التوقعات إلى أن وكلاء الذكاء الاصطناعي قد يحدثون ثورة في مختلف الصناعات، من الرعاية الصحية إلى التجارة الإلكترونية، حيث يسهمون في تحسين الكفاءة التشغيلية وخلق مصادر دخل جديدة.

على سبيل المثال، تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي في التجارة الإلكترونية تقديم توصيات مخصصة للعملاء، مما يعزز تجربة التسوق ويزيد من المبيعات. وتعتمد هذه الأنظمة على آليات متطورة لاتخاذ القرارات، حيث توازن بين المخاطر والفوائد لكل نهج قبل تنفيذ المهمة. كما يمكنها التعامل مع أهداف متضاربة وتحديد أولوياتها وفقًا لاحتياجات المستخدم.

سباق شركات التكنولوجيا
تشهد كبرى الشركات التكنولوجية، مثل OpenAI وMicrosoft وGoogle وSalesforce، سباقًا محمومًا لتطوير وإطلاق وكلاء ذكاء اصطناعي أكثر تطورًا.

تقول OpenAI إن هذه الوكلاء قد يصبحون قريبًا أدوات تعمل بشكل مستقل لأيام أو أسابيع، دون الحاجة إلى التحقق من التقدم أو النتائج. ويشير الباحثون في OpenAI وGoogle إلى أن وكلاء الذكاء الاصطناعي يمثلون خطوة على طريق الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، أي الذكاء الاصطناعي الذي يتجاوز القدرات البشرية في مجموعة واسعة من المجالات والمهام.

كشفت Google عن Project Mariner، وهو إضافة لمتصفح Chrome يستطيع التفكير في النصوص والصور عبر الشاشة. وفي أحد العروض التوضيحية، ساعد الوكيل في التخطيط لوجبة من خلال إضافة عناصر إلى عربة التسوق عبر موقع إلكتروني لسلسلة بقالة، مع إيجاد بدائل عندما لم تكن بعض المكونات متوفرة.

تعمل Microsoft على دمج وكلاء Copilot داخل منظومتها من خلال مجموعة Microsoft 365 للمؤسسات. كما أطلقت Salesforce منصتها Agentforce، التي تستخدم وكلاء الذكاء الاصطناعي في أكثر من 200 شركة عالمية، بما في ذلك FedEx وIBM.

أما Amazon وIBM، فتقدمان وكلاء Bedrock وwatsonx، مما يسمح للعملاء ببناء تطبيقات وكلاء ذكاء اصطناعي ودمجها مع الأنظمة.

من بين عمالقة التكنولوجيا، اختارت Microsoft دعم المصادر المفتوحة من خلال إطار عمل AutoGen، بينما أطلقت OpenAI مشروعها Swarm كأداة تعليمية تجريبية.

طموح يستحق المخاطرة
في ظل المنافسة المحتدمة، شهدت الأشهر الأخيرة صعودًا سريعًا لوكلاء الذكاء الاصطناعي المتعدد الوسائط، القادرين على التحكم في أجهزة الحواسيب عبر واجهات المستخدم الرسومية (GUI) كما يفعل البشر.

بدأت Anthropic سباقها في هذا المجال بإطلاق نسخة حديثة من نموذجها Claude، القادر على تشغيل الحاسوب مثل الإنسان، تبعها نظام مشابه من OpenAI يسمى Operator. واستجابت Google بتطوير Project Mariner، الذي يستفيد من متصفح Chrome.

يتوقع بعض المحللين أن ينمو السوق العالمي لوكلاء الذكاء الاصطناعي من 5.1 مليار دولار حاليًا إلى 47.1 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ نحو 45%.

تأثير وكلاء الذكاء الاصطناعي
تعتمد هذه الوكلاء على تقنيات مثل التعلم العميق (Deep Learning)، ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP)، والرؤية الحاسوبية (Computer Vision)، ويُعتقد أنها قادرة على إحداث تغييرات جذرية في سوق العمل، وزيادة الإنتاجية، وخفض التكاليف، وتحسين جودة الخدمات.

ومع ذلك، فإن هذه التقنية تثير مخاوف جدية حول فقدان الوظائف، خاصة في المهن الروتينية التي تعتمد على مهام قابلة للأتمتة. وقد يؤدي التوسع في استخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي إلى فقدان ملايين الوظائف في قطاعات مثل النقل والتجزئة والخدمات الإدارية.

بالرغم من التقدم الكبير، لا تزال هناك شكوك حول قدرة وكلاء الذكاء الاصطناعي على أداء مهام تتطلب تفكيرًا إبداعيًا أو عاطفيًا. كما تعتمد هذه الوكلاء على تحليل البيانات، لكنها تفتقر إلى الفهم الحقيقي للسياقات الإنسانية والعواطف.

إضافة إلى ذلك، فإن تحديد المسؤولية عن الأخطاء التي قد ترتكبها هذه الأنظمة يمثل تحديًا كبيرًا، خاصة عندما تتخذ القرارات بشكل مستقل. وتعتمد جودة أدائها بشكل كبير على جودة بيانات التدريب، مما قد يؤدي إلى تحيزات أو أخطاء.

توازن بين التقدم التكنولوجي وفرص العمل
في الختام، يمثل وكلاء الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في الطريقة التي تعمل بها الشركات، لكن تأثيرها في سوق العمل يثير تساؤلات حول مستقبل الوظائف. توجد تحديات يجب معالجتها لضمان استخدام هذه التقنية بطريقة توازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على فرص العمل.

من الضروري أن تعمل الحكومات والشركات والمجتمعات معًا لضمان استخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وفعّال، مع مراعاة الجوانب الأخلاقية والاجتماعية ووضع سياسات تنظيمية لضمان أن هذا التحول يسهم في تحسين حياة البشر بدلًا من تهديد مستقبلهم المهني.