الأخبار

لماذا تُغرق Microsoft خوادمها في قاع المحيط؟

أطلقت Microsoft مشروعًا بحثيًا يحمل اسم Natick بهدف استكشاف فوائد وتحديات نشر مراكز البيانات تحت الماء التي تعمل بالطاقة البحرية المتجددة. بدأ المشروع في عام 2015 عندما قامت الشركة بإلقاء حاوية Natick التي تحتوي على خوادم (Servers) قبالة سواحل California، وذلك لاختبار مدى قدرة هذه الخوادم على العمل في بيئة بحرية قاسية.

كانت الحاوية أسطوانية الشكل، ومزودة بمصادر طاقة متجددة، ومقاومة للضغط والعوامل البيئية. استمرت هذه المرحلة الأولية من التجارب لعدة أشهر، وهدفت إلى إثبات إمكانية تنفيذ هذه الفكرة على نطاق واسع بما يسمح بتصنيعها واستخدامها في التطبيقات الواقعية.

التحديات التقنية في المشروع
واجهت Microsoft عدة تحديات خلال تطوير مراكز البيانات المغمورة تحت الماء. التحدي الأول كان يتمثل في تصميم مركز بيانات لا يتطلب إشرافًا بشريًا مباشرًا، حيث إن وجود أفراد داخل هذه المراكز سيستدعي توافر عناصر مثل الأمن، الأكسجين، الإضاءة، والبيئة المناسبة، مما قد يزيد من التعقيد والتكاليف. ولهذا السبب، قررت الشركة الاعتماد على نظام إضاءة معزول يسمح بتشغيل مركز البيانات عن بُعد دون الحاجة إلى التدخل البشري المستمر.

أما التحدي الثاني، فكان يرتبط بآلية إزالة الخوادم وإعادة تدويرها أو استبدالها بمجرد انتهاء عمرها الافتراضي، وهو أمر بالغ الأهمية لضمان استدامة هذا النوع من البنية التحتية.

نجاح التجربة.. بيانات ضخمة في أعماق البحار
في عام 2018، قامت Microsoft بإغراق مركز بيانات كامل في قاع البحر الأسكتلندي، حيث وُضع على عمق 35 مترًا تحت سطح الماء، وتم تزويده بـ 864 خادمًا (Servers) واحتوى على 27.6 بيتابايت (Petabyte) من البيانات – مع العلم أن 1 بيتابايت يساوي مليون جيجابايت (Gigabyte).

بعد عامين من التشغيل المستمر، أعلنت الشركة نجاح التجربة، وتم استخراج الحاوية من قاع البحر، حيث وُجدت مغطاة بالطحالب والأعشاب البحرية، مما يدل على تكيفها مع البيئة البحرية دون أي تأثير سلبي على أدائها.

لماذا تعد مراكز البيانات تحت الماء أكثر كفاءة؟
أكدت Microsoft أن مراكز البيانات المغلقة بإحكام في أعماق البحار يمكن أن تكون أكثر كفاءة من تلك الموجودة على اليابسة. فعلى اليابسة، يمكن أن تؤدي الرطوبة، تقلبات الحرارة، التآكل، والصدمات إلى تقليل عمر الأجهزة، إضافة إلى الأخطاء الناتجة عن استبدال المكونات التالفة. أما في أعماق المحيط، فتنخفض هذه العوامل بشكل كبير، مما يقلل من الأعطال التقنية ويزيد من عمر الخوادم.

أحد أبرز إنجازات المشروع هو أن معدل فشل الخوادم تحت الماء كان أقل بثماني مرات مقارنة بمثيله على اليابسة، وهو رقم لافت نظرًا لصعوبة صيانة هذه الخوادم بعد إغلاقها وإغراقها.

مستقبل مراكز البيانات تحت الماء
لا يزال مشروع Natick في مرحلة البحث والتطوير، إلا أن Microsoft تخطط لتوسيع استخدامه في المستقبل. حيث تعتزم الشركة تشغيل مراكز بيانات تحت الماء لفترات تمتد حتى 5 سنوات، وهي المدة الافتراضية لعمر الخوادم. بعد انتهاء هذه المدة، سيتم استخراج الحاوية واستبدال الخوادم بأخرى جديدة، ثم إعادة إغراقها لمواصلة العمل.

تسعى Microsoft إلى تطوير مراكز بيانات ذات عمر افتراضي يصل إلى 20 عامًا، بحيث يمكن استخراجها وإعادة تدويرها بعد انتهاء عمرها التشغيلي.

الهدف النهائي.. الاستدامة وتقليل استهلاك الطاقة
يهدف المشروع إلى تقليل استهلاك الطاقة، والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتعزيز الاستدامة البيئية. يُعد هذا التوجه فرصة واعدة للشركات التي تسعى إلى تطوير مراكز بيانات صديقة للبيئة، تعمل بكفاءة عالية، وتوفر حلولًا عملية لتحديات الطاقة والتكنولوجيا المستقبلية.