الأخبار

حقيقة بدء خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في مصر

منذ بدأ Elon Musk مشروعه للإنترنت الفضائي Starlink، والذي يهدف إلى توفير اتصال الإنترنت كوكب الأرض بسرعات مذهلة وبتكلفة منخفضة من خلال آلاف الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، وبدأت شركة SpaceX بالفعل في تفعيل الخدمة على أساس تجريبي في بعض المدن الأمريكية وأظهرت نجاحًا كبيرًا. بدأ الجميع يتساءلون متى ستكون الخدمة متاحة في بقية أنحاء العالم.

لفترة طويلة ظل تاريخ إتاحة خدمة Starlink لبقية سكان الأرض غامضًا بينما كان المستخدمون في الدول العربية يأملون أن تصل الخدمة إلى المنطقة كـ "حلم" لكون المشروع في الأصل مخصصًا لخدمة الدول الغربية. ومع ذلك في أوائل عام 2021 كسرت سبيس إكس صمتها لتعلن أن العديد من الدول العربية قد ظهرت بالفعل على خارطة الشركة، وكان آخر بيان لها أنها حددت 2023 موعدًا لإطلاق الخدمة رسميًا في مصر والشرق الأوسط. بالطبع هذا الخبر الذي لقي استحسان كبير، يحتوي على تفاصيل كثيرة.. دعنا نوضحها في السطور التالية:
 
كيف يعمل الإنترنت عبر الأقمار الصناعية؟
تعتمد آلية الإنترنت في شكلها المعروف حاليًا على نقل البيانات بين الأجهزة عن طريق الأسلاك الأرضية التابعة لشركات اتصالات مختلفة سواء كانت كبلات نحاسية أو من الألياف الزجاجية. بشكل عام عند فتح موقع ويب يرسل جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الخاص بك رسالة إلى جهاز التوجيه Router الذي تتصل به ويرسل هذا الموجه طلبًا إلى خادم مزود خدمة الإنترنت المتعاقد معه والذي يتصل بدوره بخادم موقع الويب الذي تتعامل معه.

هذا النظام "الإنترنت العالمي" يقوم على الكابلات الضخمة التي تمر بأعماق البحار والمحيطات لربط العالم كله ولكل دولة فرع من هذه الكابلات ليكون المصدر لتزويد مواطنيها بالخدمة الإنترنت وهذا المصدر يُدار ويتحكم فيه من قبل منشأة حكومية تابعة للدولة.
من ناحية أخرى فإن الإنترنت عبر الأقمار الصناعية كما يوحي اسمه لا يعتمد على خطوط الهاتف أو كابلات الإنترنت الأرضية ولكن على الأقمار الصناعية التي تعمل في الفضاء. تعتمد الخدمة على مجموعة من الأقمار الصناعية التي تدور غالبًا داخل المدار المتزامن مع الأرض (GEO) Geosynchronous Orbit مما يجعلها تظهر ثابتة في موقعها بالنسبة إلى الأرض وبالتالي تغطي دائمًا نفس المكان على سطح الأرض. إنه مثل إنشاء شبكة Wi-Fi كبيرة. ولتلقي الإنترنت من هذه الشبكة- أعني الأقمار الصناعية- نحتاج إلى محطة أرضية تتكون من طبق مثبت خارج المنزل (يشبه أطباق الدش) متصل بجهاز توجيه Router مشابه لجهاز الاستقبال Receiver.

يوفر القمر الصناعي بعد ذلك اتصالات بيانات ثنائية الاتجاه من خلال أشعة الضوء والليزر. عندما تفتح موقعًا يرسل الكمبيوتر المتصل بجهاز الاستقبال إشارة إلى الطبق الموجود على سطح المنزل لإرسال هذه الإشارة إلى القمر الصناعي، والذي بدوره يرسلها إلى مركز الخدمة الذي يوفر الإنترنت، ثم يرسلها ليتم تنفيذ الطلب على خادم الموقع بالطريقة المعتادة، ثم يرسل النتيجة إلى القمر الصناعي الذي يرسلها إلى طبقك ثم إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بك. على الرغم من المسافة الطويلة التي تقطعها إشارة الطلب من هنا إلى هناك يتم تنفيذ كل هذه الأوامر في أجزاء من الثانية وحتى أسرع من إرسال الإشارة عبر الكابلات البحرية.

في الحقيقة السرعة الرهيبة هي أهم ميزة للإنترنت عبر الأقمار الصناعية حيث تبدأ من 150Mbps أي أن هناك متسعًا لتوفير سرعات أعلى في الترددات المختلفة كما أن الإنترنت عبر الأقمار الصناعية يسهل الوصول إلى الإنترنت في الأماكن البعيدة، حيث لا توجد بنية تحتية تسمح لسكانها بالوصول إلى الإنترنت.

ما هي خدمة Starlink الفضائية للإنترنت؟ 
مشروع StarLink هو قسم من شركة SpaceX للرحلات الفضائية والأبحاث المملوكة لرجل الأعمال الأمريكي Elon Musk. الهدف من المشروع هو بناء انترنت ساتلي واسع من خلال آلاف الأقمار الصناعية المتماسكة التي ستغطي معظم مساحة الكرة الأرضية حتى يتمكن سكان الكوكب من الحصول بسهولة على خدمة الإنترنت دون تعقيدات ومختلفة تمامًا من حيث جودة الخدمة وأسعار خدمات الإنترنت التقليدية.

منذ عام 2018 تقوم الشركة بنشر سلسلة من الأقمار الصناعية ضمن المدار الأرضي المنخفض (LEO) Low Earth Orbit الذي يبعد ما بين 180 و 2000 كيلومتر عن الأرض وهذا قريب جدًا مقارنة بالأقمار الصناعية التقليدية والتي تقع على مسافة تصل إلى 40 ألف كيلومتر. هذا "القرب" يجعل إشارة StarLink أقوى وأسرع من الخدمات المنافسة مثل HughesNet.

تحتوي منظومة Starlink حاليًا على أكثر من 2000 قمر صناعي. لكن لدى SpaceX إذنًا من لجنة الاتصالات الفيدرالية لإطلاق 12000 قمر صناعي من Starlink في سلسلة من الرحلات القصيرة إلى الفضاء. في الواقع يوم الأربعاء 9 مارس 2022 تم إطلاق الرحلة 41 والمعروفة باسم Starlink 4-10 بهدف إضافة 48 قمراً صناعياً جديداً.

وبحسب خطط سبيس إكس فإنها تسعى إلى توفير سرعات عالية جدًا بأسعار قريبة من أسعار الإنترنت الحالية على الرغم من تكلفة إنشاء البنية التحتية لنظام المشروع منذ إطلاق الأقمار الصناعية ومحطات الاستقبال الأرضية وهوائيات استقبال الإشارات والتي ستشكل بالطبع التكلفة الأولى للفرد أيضًا. 
من حيث التكلفة يتضمن اشتراك Starlink الحصول على الخدمة بسعر يبدأ من 99 دولارًا (1550 جنيهًا مصريًا) شهريًا + دفع 499 دولارًا (7800 جنيهًا مصريًا) للمعدات المطلوبة لتشغيل الخدمة والتي تتكون من نوع خاص من الطبق. يعمل على مدار الساعة لاستقبال الإشارة من الأقمار الصناعية ومودم لتوصيل الأجهزة معًا. ما يجعل هذا الطبق فريدًا من نوعه هو أن العميل لن يضطر إلى توجيهه إلى مكان معين، ولكنه مزود بتقنية تجعله يتحرك تلقائيًا بين الأقمار الصناعية القريبة من موضعه.

وصل المشروع حتى الآن إلى أكثر من 100000 مستخدم حول العالم. الخدمة متوفرة في العديد من البلدان والمناطق مثل شمال الولايات المتحدة وجنوب كندا والمملكة المتحدة وكذلك أستراليا ونيوزيلندا والمكسيك بينما دول أخرى يستعدون للانضمام إلى السباق مثل إسبانيا وإيطاليا والهند واليابان وغيرها.

بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، فقد تم التأكيد رسميًا من خلال موقع Starlink الإلكتروني على أن الخدمة ستكون متاحة في مصر ومعظم الدول العربية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اعتبارًا من عام 2023. عند فتح الموقع من الممكن التحقق من التوافر للخدمة من خلال خانة البحث كل ما عليك فعله هو كتابة اسم المدينة أو المحافظة وانتظار ظهورها في القائمة مما يعني أن الخدمة متاحة.
حتى كتابة هذه السطور كانت القاهرة والإسكندرية وعدة محافظات أخرى في صدارة المناطق المتاحة في جمهورية مصر العربية بشرط أن تكون الخدمة متاحة رسميًا العام المقبل، ولكن يمكن لأي شخص التسجيل للحجز المسبق للخدمة مقابل 99 دولارًا. والتي لا تشمل تكلفة تشغيل المعدات كما هو مذكور. وفقًا لسياسة الشركة ليس هناك ما يضمن أن الخدمة ستكون متاحة فعليًا في التاريخ المحدد، لذلك فهي تتيح للمشتركين استرداد القيمة الكاملة للحجز في أي وقت في حال عدم حصولها على التراخيص اللازمة لعمل الخدمة. الأمر الذي يطرح السؤال: هل ستسمح مصر بالوصول إلى الإنترنت عبر الأقمار الصناعية؟

توافر خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في مصر
اتضح في السنوات الأخيرة أن الإدارة المصرية مهتمة بتطوير قطاع التكنولوجيا والبنية التحتية للاتصالات والإنترنت بالتعاون مع الشركات المختلفة بهدف مواكبة أحدث التقنيات في مجال الاتصالات وكذلك تحسين خدمة الإنترنت في الدولة. وفي حالة عدم معرفتك فإن تكنولوجيا الإنترنت عبر الأقمار الصناعية موجودة بالفعل في مصر منذ نوفمبر 2019 عندما تم تنفيذ مشروع "TIBA-1 Communications Satellite" وهو قمر صناعي خاص بالإنترنت وهو الأول الذي تطلقه الدولة ضمن سلسلة "طيبة سات" المزمع إطلاقها في الفترة المقبلة. وبحسب المصدر فإن القمر الصناعي طيبة 1 خُصص للاستخدامات المدنية والعسكرية وهو مصمم ليبقى في الخدمة في مداره حول الأرض لمدة تزيد عن 15 عامًا.

توفر طيبة 1 بالفعل خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية بسرعة عالية جدًا لكن فائدتها تقتصر حاليًا على الهيئات الدبلوماسية والقطاعات الحكومية بينما تقول المصادر إن الحكومة المصرية تخطط لتقديم الخدمة تجاريًا، وسيتم توفيرها للأفراد قريباً كبديل للإنترنت الأرضي،  مما سيحدث معه طفرة في مجال الإنترنت في مصر.

فيما يتعلق بخدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التي تقدمها Starlink لم يتم تحديد موقفها بعد، حيث لم يتم إصدار تصريح رسمي من السلطات للموافقة على تفعيل الخدمة عندما تكون متاحة في عام 2023. وبالتالي من السابق لأوانه استبعاد أو انتظار توفر خدمة "ستارلينك" في مصر.

وحتى موعد وصولها في عام 2023 ستكون هناك مفاوضات بين سبيس إكس والحكومة المصرية بالتنسيق مع الهيئة القومية للاتصالات للتوصل إلى قرار يراعي مصالح جميع الأطراف بما في ذلك مزودي خدمة الإنترنت الحاليين. من المأمول أنه إذا حصلت SpaceX على الضوء الأخضر وبدأت في التوسع في السوق فستكون قادرة على خفض تكلفة الخدمة لجذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين.

ولكن إذا فشلت المفاوضات ولم تحصل SpaceX على ترخيص رسمي من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات فإن حيازة أي فرد داخل مصر للمعدات التي تشغل خدمة Starlink تخضع لعقوبات مواد قانون الاتصالات رقم 10 لعام 2003، الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من يمتلك أو يركب أو يشغل أي أجهزة اتصال لاسلكي بدون إصدار ترخيص عام لاستخدامها أو تركيبها أو تشغيلها.