في عالم الحوسبة الكمية Quantum Computing، تتسارع الخطى نحو تحقيق قفزة تكنولوجية ثورية يمكن أن تغيّر وجه التكنولوجيا كما نعرفها. ومن بين الشركات التي تحتل موقعًا فريدًا في هذا السباق، تأتي Microsoft، التي لم تدخل الميدان حديثًا، بل تستثمر في هذا القطاع منذ أكثر من 19 عامًا، برؤية مختلفة تقنيًا واستراتيجيًا.
وقد أبهرت Microsoft العالم مؤخرًا بإعلانها عن أول شريحة كمية Quantum Chip من إنتاجها، وهي Majorna 1، والتي تمثل نقطة انطلاق نحو مشروع ضخم يتضمن تصنيع مليون شريحة كمية. وهذه الإنجازات لم تكن وليدة اللحظة، بل تقف خلفها جهود سنوات طويلة يقودها العالم الفيزيائي Chetan Nayak، الذي انضم للشركة عام 2005، ويشغل حاليًا منصب المدير الرئيسي للأبحاث في قسم Station Q المختص بالحوسبة الكمية.
من هو Chetan Nayak؟
ولد Nayak في نيويورك عام 1971، وتخرج من مدرسة Stuyvesant الثانوية، حيث بدأ شغفه بالفيزياء الكمية بعد اطلاعه على محاضرات أسطورة الفيزياء Richard Feynman. نال شهادة البكالوريوس من Harvard عام 1992، ثم الدكتوراه من Princeton عام 1996، وأكمل أبحاثه في University of California, Santa Barbara، قبل أن يصبح أستاذًا في UCLA، ولاحقًا أستاذًا شرفيًا في Santa Barbara بالتزامن مع عمله في Microsoft.
تخصص Nayak في دراسة المواد الطوبولوجية Topological Materials، والتوصيل الفائق في درجات الحرارة العالية، بالإضافة إلى فيزياء المعادن الغريبة Strange Metals وتأثيراتها على السلوك الإلكتروني، ما مكّنه من تطوير استخدام جسيمات Majorana واستغلالها في بناء الشرائح الكمية الجديدة.
فلسفة مختلفة تقود التميز
بعكس شركات مثل Google التي تسير في المسار المألوف، اختار Nayak وفريقه نهجًا علميًا محفوفًا بالمخاطر، لكنه أكثر تميزًا، ويضم فريقه مئات العلماء والمهندسين وعلماء الرياضيات، ممن كرسوا أكثر من 20 عامًا لهذا المشروع الطموح.
هل كان المشروع على وشك الإلغاء؟
قبل سبع سنوات، كاد Satya Nadella، الرئيس التنفيذي لـMicrosoft، أن يغلق قسم Station Q بسبب ضعف العائد التجاري آنذاك مقارنة بتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي AI. لكنه اليوم يحتفي علنًا عبر منصة X بنجاح الفريق في اكتشاف حالة جديدة للمادة، ما يمثل خطوة حقيقية نحو حواسيب كمية أكثر استقرارًا.
Microsoft أنفقت أكثر من 6 مليارات دولار على هذا المجال، بمعدل 300 مليون دولار سنويًا، بحسب تصريحات Nayak، الذي يؤمن بأن التقدم في هذا المجال يأتي من "تراكم الاكتشافات الصغيرة حتى تحين لحظة الاكتشاف الكبير".
تحديات ومواقف علمية مشككة
رغم نشر بحث علمي داعم لتقنية Majorna 1 في مجلة Nature، إلا أن الانتقادات لم تتأخر، إذ وصف الباحث Sergey Frolov المشروع بـ"الاحتيالي"، مشيرًا إلى وجود تناقضات قد تؤثر في صحة النتائج. ومع ذلك، أكدت Microsoft التزامها بأعلى المعايير العلمية والأخلاقية، وأعلنت عزمها نشر أبحاث إضافية داعمة للمشروع.
ما الخطوة التالية؟
يؤكد Nayak أنه لا يخطط للبقاء في عمله حتى بلوغ السبعين، لكنه الآن يركز على هدفه القادم: جعل الشرائح أكثر استقرارًا وتخزين عدد أكبر من وحدات Qubit داخلها، لتكون قابلة للاستخدام التجاري.
ويبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن Chetan Nayak وفريق Station Q من تحويل الحوسبة الكمية من خيال علمي إلى واقع تجاري قبل أن يقرع جرس التقاعد؟