الأخبار

زوكربيرج في قلب العاصفة القضائية: تفاصيل محاكمة Meta التاريخية

خضع مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة Meta، لجلسة محكمة في واشنطن، وذلك على خلفية اتهامات من قبل لجنة التجارة الفيدرالية (Federal Trade Commission – FTC) تتعلق بقيام الشركة بإنفاق مليارات الدولارات للاستحواذ على تطبيقي Instagram وWhatsApp، بهدف إقصاء المنافسة أمام Facebook. جاء ذلك وفقًا لتقرير نشرته وكالة Reuters.

تسعى FTC إلى إجبار Meta إما على إعادة هيكلة الشركة أو بيع Instagram وWhatsApp، في قضية تُعتبر اختبارًا حاسمًا لوعود الرئيس الأمريكي السابق Donald Trump بالتصدي لهيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى. من جهة أخرى، تمثل هذه القضية تهديدًا وجوديًا لشركة Meta، إذ أن نصف عائداتها الإعلانية في السوق الأمريكية مصدرها Instagram.

ظهر زوكربيرج في المحكمة مرتديًا بدلة داكنة وربطة عنق زرقاء فاتحة، وأجاب بهدوء على الأسئلة الموجهة له، في محاولة لدحض الادعاءات بأن عملية الاستحواذ كانت تهدف إلى القضاء على المنافسة في سوق التواصل الاجتماعي. وأكد أن أولويات التطبيقات كانت دائمًا تركز على مشاركة المحتوى مع الأصدقاء والعائلة، إلى جانب استكشاف محتوى جديد.

وأشار زوكربيرج إلى أن قرارًا اتُّخذ في عام 2018 لإعطاء الأولوية لمحتوى الأصدقاء على Facebook لم يواكب التغير في سلوك المستخدمين، الذين أصبحوا يفضلون مشاركة هذا النوع من المحتوى عبر الرسائل الخاصة بدلاً من النشر العام. هذا التفسير جاء لتبرير قرارات سابقة قد تُفهم بأنها محاولة لاحتكار السوق.

وأضاف: "أعتقد أننا أسأنا فهم تطور التفاعل الاجتماعي عبر الإنترنت. الناس باتوا يتفاعلون أكثر فأكثر مع محتوى لا يخص أصدقاءهم". وتشير التقديرات إلى أن 20% من محتوى Facebook و10% من Instagram يتم إنشاؤه من قبل أصدقاء المستخدمين، فيما يُنتج الباقي بواسطة حسابات تهمهم بحسب اهتماماتهم.

ملف المنافسة مع TikTok
استندت FTC إلى رسائل بريد إلكتروني تشير إلى أن زوكربيرج اعتبر الاستحواذ على Instagram وسيلة لتحييد تهديد محتمل لـFacebook. كما أعربت اللجنة عن قلقها من أن يتحول WhatsApp إلى شبكة اجتماعية منافسة.

وتدافع Meta عن عمليات الاستحواذ التي جرت في 2012 و2014، مدعيةً أنها أفادت المستخدمين، مشيرة إلى أن السوق الآن يشهد منافسة شرسة من TikTok، YouTube، وتطبيق الرسائل الخاص بشركة Apple. وتؤكد الشركة أن كيفية قضاء المستخدمين لأوقاتهم على هذه المنصات يُعد دليلاً على التنافس المستمر.

وقد تستغل Meta فترة الحظر القصيرة التي تعرض لها TikTok في يناير الماضي، حيث شهدت زيادة كبيرة في استخدام Facebook وInstagram، لتثبت وجود منافسة مباشرة. لكن FTC تزعم أن Meta تسيطر على سوق المنصات المخصصة لمشاركة المحتوى بين الأصدقاء والعائلة، مشيرة إلى أن منافسيها في الولايات المتحدة هم فقط Snapchat وMeWe، وهو تطبيق صغير يركز على الخصوصية تم إطلاقه في 2016.

كما أكدت اللجنة أن المنصات التي تتيح للمستخدمين نشر محتوى عام بناءً على الاهتمامات المشتركة، مثل X، TikTok، YouTube، وReddit، لا تُعتبر بدائل مباشرة لبعضها البعض. فكل منها يقدم تجربة فريدة للمستخدم؛ فمثلاً يستخدم البعض X لمتابعة الأخبار، وTikTok للفيديوهات القصيرة، وYouTube للمحتوى الطويل، وReddit للنقاشات المجتمعية المتخصصة.

موقف القضاء الأمريكي
في نوفمبر الماضي، أشار القاضي James Boasberg إلى أن FTC ستواجه تحديات كبيرة في إثبات صحة ادعاءاتها خلال المحاكمة، التي قد تستمر حتى يوليو المقبل. وإذا حكمت المحكمة لصالح FTC، فستُجبر Meta على بيع Instagram وWhatsApp كخطوة لإعادة التوازن التنافسي.

ورغم أن Meta لا تفصح عن الإيرادات الخاصة بكل تطبيق، إلا أن شركة أبحاث الإعلانات Emarketer توقعت أن يحقق Instagram وحده 37.13 مليار دولار من الإيرادات خلال هذا العام، أي أكثر من نصف عائدات Meta الإعلانية في الولايات المتحدة. بالمقابل، يساهم WhatsApp بجزء صغير فقط من دخل الشركة.

علاقة القضية بإدارة ترامب
تُعد هذه المحاكمة جزءًا من جهود أوسع لمكافحة الاحتكار استُهلت في عهد Trump. وقد حاولت Meta التقرب من الإدارة الجمهورية من خلال خطوات مثل التراجع عن بعض سياسات تعديل المحتوى، والتي اعتبرها الجمهوريون شكلًا من أشكال الرقابة، فضلًا عن التبرع بمليون دولار لحفل تنصيب Trump، بالإضافة إلى زيارات زوكربيرج المتكررة للبيت الأبيض خلال تلك الفترة.

ولا تعتبر Meta الوحيدة في مرمى نيران الجهات التنظيمية؛ فقد سبقها إلى المحاكم شركات عملاقة مثل Amazon، Apple، وGoogle، وجميعها واجهت دعاوى مشابهة تتعلق باحتكار السوق.

وبينما اختارت العديد من الشركات التعاون مع إدارة Trump، من خلال تغيير السياسات والتقرب من صناع القرار لتجنب الملاحقة القضائية، فإن هذه الاستراتيجية لم تؤتِ ثمارها بالكامل، إذ تستمر المعارك القانونية ضد عمالقة التكنولوجيا بلا هوادة.