تواجه شركة Intel، عملاق صناعة أشباه الموصلات (Semiconductors)، تحديات كبيرة قد تهدد وجودها. هذه التحديات تفاقمت بعد استقالة المدير التنفيذي الذي لم ينجح في تحسين أوضاع الشركة خلال السنوات الثلاث التي قضاها في المنصب، لكنها بدأت قبل ذلك بسنوات، خاصة مع ظهور طفرة الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence)، التي لم تتمكن Intel من مواكبتها، على الرغم من كونها الرائدة في ابتكار الرقائق الإلكترونية (Chips) المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر الشخصية.
مكانة Intel التاريخية
تعتبر Intel صاحبة الفضل في إدخال البشر إلى عالم الكمبيوتر الشخصي (PC)، حيث طورت أول وحدة معالجة مركزية (CPU)، والتي تعد بمثابة العقل البشري لأي جهاز إلكتروني حديث. هذه الوحدة تقوم بمعالجة البيانات وتحويلها إلى نصوص أو صور، مما مكن شركات مثل Microsoft و IBM من تطوير أنظمتها التشغيلية وبرامجها.
ركائز نموذج Intel التشغيلي
يعتمد نجاح Intel على نموذج تشغيلي معقد يتكون من ثلاث ركائز أساسية:
1- البنية الأساسية لأشباه الموصلات (Architecture):
تعتمد Intel على نموذج X86، الذي سمح لها بالسيطرة على السوق لعقود. لكنها تواجه الآن تحديات من الشركات التي تستخدم بنية Arm Architecture الأقل تكلفة، مثل Qualcomm.
2- التصميم (Design):
رغم ريادة Intel في تصميم وحدات المعالجة المركزية (CPUs)، إلا أن الطلب العالمي تحول نحو الرقائق المستخدمة في مراكز البيانات (Data Centers). هذا التحول كشف ضعف Intel في التوسع نحو تطبيقات الذكاء الاصطناعي واعتماد الشركات على رقائق خاصة بتصاميمها.
3- تصنيع الرقائق (Chip Fabrication):
تعتمد Intel على تصنيع الرقائق داخليًا، لكن هذا النموذج يواجه منافسة شرسة من شركات مثل TSMC التايوانية، التي تركز فقط على التصنيع، مما يمنحها ميزة في الكفاءة والجودة.
أزمات Intel الأخيرة
قاد بات جيلسنجر (Pat Gelsinger) الشركة منذ عام 2021، وقدم خارطة طريق لإعادة إحياء قطاع التصنيع لمنافسة TSMC. كما عمل على إقناع الإدارة الأميركية بتمرير قانون الرقائق الإلكترونية (Chips Act) لدعم الصناعة في الولايات المتحدة، مما أدى إلى حصول Intel على منح وقروض بقيمة 20 مليار دولار.
لكن جهود جيلسنجر واجهت عراقيل، مثل ضعف قبول السوق لتصاميمه الجديدة واعتماد الشركات الكبرى على رقائق NVIDIA لتلبية متطلبات الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، تسبب نموذج Intel الذي يجمع بين التصميم والتصنيع في عزوف الشركات عن التعاون معها، مما ترك مصانعها تعتمد بشكل أساسي على تصاميمها الخاصة.
تحديات المستقبل
تغادر Intel المدير التنفيذي جيلسنجر وسط خلافات مع مجلس الإدارة الذي يطالب بفصل قطاع التصميم عن التصنيع. المدير التنفيذي الجديد سيواجه تحديات معقدة، منها:
1- فصل التصميم عن التصنيع: لتشجيع الشركات الأخرى على تصنيع رقائقها في مصانع Intel.
2- إعادة التركيز على رقائق الحواسيب الشخصية: مع إمكانية دمجها بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
3- بيع الأصول غير الأساسية: مثل Altera و Mobileye لتمويل مشاريع جديدة.
التخلي عن التصنيع: كما فعلت AMD بفصل مصانعها في شركة Global Foundries، رغم صعوبة هذا الخيار بسبب متطلبات الأمن القومي الأمريكي.
السؤال الذي يثير الفضول
لماذا لم تحاول شركات مثل NVIDIA أو Elon Musk الاستحواذ على Intel؟ على الرغم من وفرة السيولة والفوائد المحتملة، قد تكون الإجابة مرتبطة بتعقيدات الصفقة أو الأولويات الاستراتيجية لتلك الشركات.
في النهاية، تبقى Intel في موقف صعب، لكن أصولها التي تقدر بـ 190 مليار دولار تفتح أمامها فرصًا لإعادة البناء، إذا اتخذت قرارات جذرية لتجاوز أزماتها.