في الفترة التي سبقت الحرب الجارية في غزة، قامت إسرائيل بهدوء بتحويل عمليات الاستخبارات الخاصة بها من خلال دمج أدوات الذكاء الاصطناعي (AI) المتقدمة في استراتيجيتها العسكرية. هذا الجهد، الذي يُشار إليه باسم "AI Factory"، جذب الانتباه والانتقاد على حد سواء، لا سيما في تطبيقه خلال الصراع في غزة. وأصبح النظام جانبًا أساسيًا في النهج العسكري لإسرائيل، مما أثار جدلًا حول تداعياته الأخلاقية وإمكانية إعادة تشكيله للحروب الحديثة.
تحويل الاستخبارات إلى قوة ذكاء اصطناعي
قبل سنوات من هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 الذي أدى إلى مقتل أكثر من 1400 شخص، بدأت الوحدات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية في دمج الذكاء الاصطناعي (AI) في عملياتها. وكان هذا التحول مدفوعًا بالحاجة إلى اتخاذ قرارات أسرع واستهداف أكثر دقة في واحدة من أكثر المناطق تقلبًا في العالم. قامت قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF) بإعادة هيكلة قسم الاستخبارات الخاص بها ليصبح ميدانًا لاختبار تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، مما يسمح للخوارزميات بمعالجة كميات ضخمة من البيانات، والتعرف على الأنماط، واقتراح الأهداف بسرعة غير مسبوقة.
النظام، المعروف داخليًا باسم Habsora - وهي كلمة عبرية تعني "الإنجيل"، أصبح أحد الأدوات الأكثر أهمية في هذا الترسانة الخاصة بالذكاء الاصطناعي. صُمم لتحليل مجموعات بيانات ضخمة، وتمكن من تحديد الأهداف المحتملة في الوقت الفعلي، حتى في غياب المحللين البشريين. ولكن مع تطور النظام، ظهرت تساؤلات حول ما إذا كان الإشراف البشري كافيًا لضمان اتخاذ قرارات أخلاقية.
دور Habsora في الحرب على غزة
بعد الهجوم المدمر من قبل حماس، أطلقت إسرائيل حملة عسكرية استهدفت غزة بسلسلة من الضربات الجوية المكثفة. في البداية، اعتمدت قوات الدفاع الإسرائيلية على قاعدة بياناتها التي تم إعدادها بدقة، والتي تضمنت تفاصيل عن البنية التحتية العملياتية لحماس، بدءًا من الأنفاق ومخازن الأسلحة وحتى مراكز القيادة.
ومع ذلك، مع استمرار الصراع، وجدت قوات الدفاع الإسرائيلية أن "بنك الأهداف" الخاص بها ينفد بسرعة. تطلبت شدة الحملة العسكرية أهدافًا إضافية بوتيرة متسارعة. في هذه المرحلة، دخل نظام Habsora إلى حيز التنفيذ الكامل. من خلال الاستفادة من التعلم الآلي (Machine Learning) وتحليلات البيانات المتقدمة، ولّد النظام مئات الأهداف الجديدة في غضون ساعات. وقد مكن هذا قدرة قوات الدفاع الإسرائيلية على الحفاظ على زخم الحملة، حتى مع مواجهة طرق جمع المعلومات التقليدية صعوبة في مواكبة الطلب.
مخاوف أخلاقية ونقاشات عسكرية
أثار استخدام أنظمة قائمة على الذكاء الاصطناعي (AI) مثل Habsora جدلًا كبيرًا داخل قيادة الجيش الإسرائيلي. وبينما يجادل المؤيدون بأن هذه الأدوات ضرورية للحفاظ على التفوق العملياتي، أعرب النقاد داخل قوات الدفاع الإسرائيلية عن قلقهم بشأن احتمال وقوع أضرار جانبية وتجريد الصراعات من الإنسانية.
تداعيات أوسع على الحروب الحديثة
يُشكل استخدام إسرائيل لأنظمة الذكاء الاصطناعي (AI) مثل Habsora نقطة تحول في استخدام التكنولوجيا في النزاعات العسكرية. وبينما يُحذر النقاد من المخاطر الأخلاقية والقانونية، يرى المؤيدون أن الذكاء الاصطناعي قد يحسن الدقة ويقلل الأضرار المدنية إذا ما تم استخدامه بمسؤولية.
هذه التطورات في استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب تثير تساؤلات عميقة حول دور القرارات البشرية في المواقف الحاسمة. ومع مراقبة الدول الأخرى للنتائج، من المتوقع أن يزداد النقاش العالمي حول أخلاقيات وتنظيم الذكاء الاصطناعي (AI) في الحروب.