بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ورفع دونالد ترامب وشاح النصر الذي وصفه بأنه "فوز سياسي غير مسبوق في تاريخ البلاد"، تزايدت حالة الترقب في الأوساط الاقتصادية والتكنولوجية حول سياسات الرئيس الجديد القديم وتأثيرها على مستقبل كبرى شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة.
ومع عودة الأضواء إلى ترامب، بدأ قادة الشركات التكنولوجية العملاقة يتساءلون عن مصيرهم في ظل السياسات المتوقعة، خصوصًا فيما يتعلق بقوانين الخصوصية، مكافحة الاحتكار، واللوائح التنظيمية الجديدة.
ماذا يعني فوز ترامب لشركات التكنولوجيا الكبرى؟
تنظيم الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence:
الملف التنظيمي للذكاء الاصطناعي يتصدر قائمة القضايا التي تنتظر الحسم في ولاية ترامب. على الرغم من أن الرئيس السابق لم يُظهر اهتمامًا كبيرًا بهذا القطاع خلال حملته، فإن العديد من النخب التكنولوجية الداعمة له، مثل المستثمر مارك أندريسن، تتبنى مواقف تعارض أي قيود تنظيمية قد تعرقل الابتكار.
الهجرة Immigration:
الهجرة تُعد قضية حساسة لقطاع التكنولوجيا، حيث تعتمد الشركات الكبرى مثل Google وMeta بشكل كبير على المواهب الأجنبية، خصوصًا في مجالات البرمجة والهندسة. ومن المتوقع أن تثير سياسات ترامب الجديدة تحديات إضافية في هذا المجال.
قوانين مكافحة الاحتكار Anti-Trust Laws:
خلال ولايته الأولى، اتخذ ترامب مواقف متشددة ضد بعض الشركات مثل Google وAmazon، بحجة أنها تمارس احتكارًا يضر بالمنافسة. ومع عودته، يتوقع أن تتزايد القيود على عمليات الاندماج والاستحواذ في القطاع التكنولوجي.
العلاقة مع قادة التكنولوجيا:
شهدت علاقة ترامب مع كبار القادة التنفيذيين لشركات التكنولوجيا، مثل Sundar Pichai من Google، وMark Zuckerberg من Meta، وTim Cook من Apple، وSatya Nadella من Microsoft، توترًا ملحوظًا خلال فترته السابقة. ورغم الخلافات، بادر هؤلاء القادة بدعم ترامب في الانتخابات الأخيرة، حيث يتوقعون أربع سنوات من السياسات التي قد تُحدث تغييرات جذرية في الصناعة.
إيلون ماسك Elon Musk شريك محتمل في إدارة ترامب
بحسب تقرير لصحيفة Business Insider، من المتوقع أن يلعب إيلون ماسك دورًا كبيرًا في الإدارة الجديدة لترامب، وربما يحصل على منصب رسمي. إذ يُعتبر ماسك من أكثر الشخصيات تأثيرًا في قطاع التكنولوجيا، وقد استخدم منصته X سابقًا Twitter للترويج لسياسات ترامب، بما في ذلك حركة MAGA Make America Great Again.
من المتوقع أن يتم تعيين ماسك مسؤولاً عن كفاءة الحكومة، مما يمنحه سلطة استثنائية لإعادة هيكلة العمل الفيدرالي. وقد يلجأ إلى سياسات مشابهة لتلك التي اتبعها في شركة Twitter، حيث قام بتسريح عدد كبير من الموظفين والإبقاء فقط على العناصر التي اعتبرها "مخلصة".
التأثيرات الاقتصادية: الرسوم الجمركية والتجارة
الرسوم الجمركية Tariffs:
أحد أبرز مقترحات ترامب يتمثل في فرض رسوم جمركية بنسبة 10% عالميًا على الواردات، مع احتمال زيادتها إلى 60% على السلع الصينية و100% على المنتجات المكسيكية. هذا القرار يهدد شركات مثل Apple التي تعتمد على الصين لتصنيع وتجميع 95% من منتجاتها.
تنويع سلاسل الإمداد Supply Chain Diversification:
بحسب شركة Bernstein للأبحاث المالية، قامت Apple بتنويع إنتاجها إلى دول أخرى مثل فيتنام لتقليل الاعتماد على الصين.
قانون "الرقائق والعلوم" CHIPS and Science Act:
انتقد ترامب القانون الذي أقر في عهد بايدن لتعزيز تصنيع أشباه الموصلات محليًا، معتبرًا أنه يمنح أموالاً ضخمة لشركات غنية بدلاً من فرض رسوم على الموردين الأجانب.
العملات المشفرة Cryptocurrency: فرصة جديدة
شهد موقف ترامب تحولاً لافتًا تجاه العملات المشفرة، حيث وعد بدعم هذا القطاع مقابل تبرعات انتخابية كبيرة. كما تعهد بتخفيف عقوبة مؤسس منصة Silk Road روس أولبريخت، الذي يُعد رمزًا في أوساط العملات المشفرة.
التأثير المتوقع:
من المرجح أن تُلغى العديد من القضايا المرفوعة ضد شركات التشفير التي كانت مستهدفة خلال إدارة بايدن. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الدعم الحكومي إلى ارتفاع كبير في قيمة العملات المشفرة مثل Bitcoin.
مكافحة الاحتكار: حظوظ مختلطة
على الرغم من التوقعات بأن تخفف إدارة ترامب من الضغوط على معظم شركات التكنولوجيا، فإن Google قد تكون الاستثناء. إذ يعتبرها المحافظون متحيزة سياسيًا ضدهم، ويواصلون دعم الجهود الرامية إلى تفكيكها.
تيك توك TikTok: من الحظر إلى المصالحة
وفقًا لتقرير صحيفة New York Times، من غير المحتمل أن يتم حظر تطبيق TikTok تحت إدارة ترامب، رغم قانون الكونغرس الذي يفرض على مالكته الصينية ByteDance بيع عملياتها في الولايات المتحدة. قد يتجاهل ترامب تنفيذ هذا القانون، استجابة لجهود ضغط مكثفة من المستثمرين.
الذكاء الاصطناعي: سباق عالمي
يتوقع أن تتبنى إدارة ترامب سياسات تشجع الشركات الأمريكية على التفوق في الذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على العقوبات المفروضة على الشركات الصينية لتقييد وصولها إلى التقنيات المتقدمة.
إزالة اللوائح التنظيمية:
قد يعمل ترامب على إلغاء الأوامر التنفيذية التي تهدف إلى الحد من الاستخدامات الخطرة للذكاء الاصطناعي، مما يثير مخاوف حول تداعيات ذلك على الأمن والسياسة.
وسائل التواصل الاجتماعي Social Media: تحول نحو اليمين
منصة X ستكون المستفيد الأكبر من ولاية ترامب الثانية، حيث يُتوقع أن تتبع منصات أخرى مثل Threads وBluesky نفس النهج لتجنب الصدام مع الإدارة.
القانون Section 230:
قد تُجرى تعديلات على هذا القانون الذي يحمي منصات الإنترنت من المسؤولية عن المحتوى المنشور من قبل المستخدمين، مما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في سياسات وسائل التواصل.
الختام:
إدارة ترامب الثانية قد تكون نقطة تحول في مسار صناعة التكنولوجيا العالمية. وبينما تسود حالة من عدم اليقين، تستعد الشركات الكبرى لتكييف استراتيجياتها مع الواقع الجديد الذي قد يفرضه ترامب.