تعد عمليات الاحتيال عبر الهاتف من أكثر الإزعاجات انتشارًا في العالم الحديث، حيث تستهدف الجميع، من الأطفال إلى كبار السن. لا يتوقف هؤلاء المحتالون عن ابتكار طرق لخداع الناس وسرقة أموالهم أو بياناتهم الشخصية. ولكن الآن، هناك تقنية جديدة قد تغيّر مصير ضحايا هذه العمليات بشكل كبير. فقد أصبحت "الجدة الذكية" التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بطلة جديدة في مواجهة الاحتيال الهاتفي باستخدام التكنولوجيا، لتحمي نفسها من النوايا الخبيثة.
التهديد المتزايد للاحتيال عبر الهاتف
شهدت عمليات الاحتيال عبر الهاتف زيادة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع تطور التكنولوجيا وزيادة وعي الناس بها.
في السنوات الأخيرة، لجأ المحتالون إلى التظاهر بأنهم مسؤولون حكوميون، أو شركات تقنية، أو حتى أفراد عائلة في مأزق، بهدف سرقة المعلومات السرية للناس. هذا النوع من الاحتيال يمثل خطرًا كبيرًا على كبار السن، الذين قد لا يكونون على دراية كافية بمثل هذه الحيل الرقمية. وتُقدر الخسائر الناتجة عن هذه العمليات بملايين الدولارات سنويًا، مع استهداف شريحة كبيرة من كبار السن.
يعتمد معظم المحتالين على التلاعب بالمشاعر، مثل خلق شعور بالإلحاح أو استغلال المفاهيم الخاطئة الشائعة. فقد يدّعي المحتال أن حسابك المصرفي تعرض للاختراق، ويطالبك باتخاذ إجراء فوري. هذا التلاعب يدفع الناس إلى الذعر واتخاذ قرارات متهورة.
دخول "الجدة الذكية" إلى الساحة
استجابةً للزيادة في عمليات الاحتيال عبر الهاتف، ظهرت "الجدة الذكية" التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتغيير قواعد اللعبة في حماية الناس، خاصة كبار السن، من عمليات الاحتيال.
تعتمد "الجدة الذكية" على تقنية تحليل واكتشاف المكالمات المشبوهة في الوقت الفعلي، مما يتيح لها التفريق بين المكالمات الشرعية وتلك التي تحمل طابع الاحتيال. تعمل التقنية من خلال التعرف على أنماط معينة في المحادثات الهاتفية. يمكنها الكشف عن السلوكيات المريبة، مثل إجبار المتلقي على اتخاذ إجراء سريع، أو طلب معلومات خاصة، أو استخدام لغة شائعة في عمليات الاحتيال.
عند اكتشاف عملية احتيال محتملة، تدخل "الجدة الذكية" حيز التنفيذ، حيث تنبه المستخدم، تقدم له النصائح، بل وحتى تتولى المكالمة لتوقع المحتال في شباكه الخاصة.
كيف تعمل "الجدة الذكية"؟
تبدأ العملية بمجرد أن يرن الهاتف. تستمع "الجدة الذكية" إلى المكالمة وتبحث عن عبارات شائعة تستخدم في الاحتيال وأساليب التلاعب.
عند اكتشاف نشاط مشبوه، تبدأ "الجدة الذكية" في طرح مجموعة من الأسئلة المحيرة، أو وضع المحتال في موقف صعب، أو حتى أسئلة بسيطة تهدف إلى إضاعة وقته.
بهذه الطريقة، تضمن "الجدة السيبرانية" أن المحتال يفشل، وأن الشخص المتلقي للمكالمة لا يقع في الفخ.
على سبيل المثال، إذا زعم المحتال أنه يعمل في شركة تقنية ويريد الوصول إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بالضحية، قد ترد "الجدة الذكية" بأسئلة مربكة أو تطلب منه رقمًا مرجعيًا أو تحديد الهوية. غالبًا ما يتسبب ذلك في إحباط المحتال ودفعه لإنهاء المكالمة.
فوائد "الجدة الذكية"
أبرز فائدة تقدمها "الجدة الذكية" هي طمأنة الفئات الضعيفة وتزويدهم بقدر أكبر من التحكم في مواجهة المحتالين. توفر هذه التقنية أمانًا وحماية، حيث تضمن أن أي مكالمة احتيالية سيتم اعتراضها قبل أن تسبب أي ضرر.
ميزة أخرى هي أن "الجدة الذكية" تعمل على مدار الساعة، مما يعني أنها تحمي المستخدمين من الاحتيال نهارًا وليلاً. وعلى عكس آليات الوقاية التقليدية التي تعتمد على أفراد العائلة أو وكلاء العملاء، تقدم "الجدة الذكية" حلاً دائمًا لا يتطلب تدخلًا بشريًا، مما يجعلها متاحة وآمنة دائمًا.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لـ"الجدة الذكية" توعية الناس بالتكتيكات التي يستخدمها المحتالون. من خلال التفاعل مع المحتالين، تستطيع التقنية جمع معلومات عن الأساليب الشائعة التي يستخدمونها، ونقلها إلى المستخدمين لزيادة وعيهم وتعزيز دفاعاتهم ضد الاحتيال.
مكافحة الاحتيال باستخدام الذكاء الاصطناعي
تندرج "الجدة الذكية" ضمن الاتجاه الأكبر لاستخدام الذكاء الاصطناعي لمعالجة المشكلات الواقعية. ومع تطور هذه التقنيات، يمكننا توقع حلول مشابهة تهدف إلى حماية الناس في ظل الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا.
يبشر المستقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي لمنع الاحتيال الهاتفي بآفاق واعدة، مما يبرز كيف يمكن للتكنولوجيا أن تحمي الأفراد من الأضرار. ونظرًا للطبيعة المتغيرة باستمرار لعمليات الاحتيال عبر الهاتف، سيكون من الضروري أيضًا أن تتطور أنظمة الذكاء الاصطناعي المصممة لمكافحتها لتبقى متقدمة على المحتالين.
هذا النهج المبتكر قد يمثل بداية النهاية لضحايا عمليات الاحتيال عبر الهاتف.